القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
7763 مشاهدة
تفسير قوله: غير المغضوب عليهم ولا الضالين

ثم يقول غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ أي: نجنا من طريق المغضوب عليهم، ومن طريق الضالين، المغضوب عليهم هم: اليهود، والضالون هم: النصارى، وسمي اليهود مغضوبا عليهم؛ لأنهم عصوا على بصيرة؛ معهم علم ولم يعملوا به، والنصارى ضالون؛ لأنهم يتخبطون في العمل، فيعملون على جهل وضلال.
ولذلك يقول بعض السلف: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى؛ وذلك لأن العلماء إذا فسدوا فقد عصوا على بصيرة، وليس من يعلم كمن لا يعلم، وحينئذ يكون عذابهم أشد، وأما إذا تركوا التعلم وتعبدوا على جهل وعلى ضلال، فإنهم أيضا يعذبون على تركهم العلم، لماذا تركتم العلم وتعبدتم وأنتم على جهالة، وأنتم قادرون على أن تزيلوا جهلكم، وأن تكملوا نقصكم، وذلك بالتعلم حتى تتعلموا العبادة ثم إذا تعلمتموها وعبدتم الله -تعالى- بها كانت مقبولة.
ذكر الله -تعالى- في صفة اليهود الغضب عليهم في قوله -تعالى- فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ أي: رجعوا باستحقاق غضبين؛ فدل على أن الغضب حالٌّ على اليهود، -نسأل الله أن يجنبنا طريقهم- وذكر الضلال وجعله من صفة النصارى في قوله -تعالى- لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ فهم ضالون يعني: بعيدون عن الحق، بعيدون عن سواء السبيل؛ هؤلاء ضالون، وهؤلاء مغضوب عليهم؛ فهذا معنى هذه الآية. العبد يسأل الله -تعالى- أن يجنبه طريق هؤلاء، وهؤلاء.
هذه الفاتحة ورد في الحديث أنها بين الله وبين عبده نصفين، قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها الأول حمد وهو حق لله -تعالى- وذكر لأسمائه الخمسة وهي: الرب، والرحمن، والرحيم، والمالك، والإله، واعتراف له بالملك؛ أي أنه المالك، ثم اعتراف بالعبودية، بأنه المعبود وأننا نعبده؛ أما النصف الثاني ففيها أننا نستعينه ونحن بحاجة إلى إعانته، ونستهديه، ونحن بحاجة إلى هدايته، ونطلبه أن يحشرنا مع الذين أنعم عليهم، ونحن بحاجة إلى ذلك، وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم، ونحن بحاجة إلى ذلك.
فلأجل ذلك صارت هذه الفاتحة ركنا لا تصح الصلاة إلا بها، وكتبت في أول المصحف، وجعلت فاتحة الكتاب. أنزل الله -تعالى- هذه الفاتحة وجعلها أول المصاحف، أول مصحف المسلمين؛ دليلا على أهميتها، وأصبحت ركنا من أركان الصلاة؛ يُقرأ بها في كل ركعة سرية أو جهرية، يُسمعها الإمام للمأمومين في الصلاة الجهرية؛ كصلاة الصبح، وصلاة الجمعة، وصلاة التراويح، والركعتين الأولتين من المغرب ومن العشاء، حتى يتعلموها.
فلذلك واجب على كل مسلم دخل في الإسلام أن يتعلم هذه السورة؛ حتى إذا صلى وأتى بها كاملة قبلت صلاته؛ فيها إحدى عشرة شَدة، والشدة بلا شك تعتبر حرفا من الحروف، فإذا ترك شدة فقد ترك حرفا؛ فلا تقبل صلاته؛ إذا كان قادرا على تقويمها.
فإذا قال: الحمد للَه فقد غير كلمة الله، ترك شدة الله، وإذا قال ربِ العالمين ترك شدة رَبِّ الْعَالَمِينَ لم يأت بها كما ينبغي، وإذا قال: الرَحْمَنِ الرَحِيم؛ ترك شدة الراء من الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ما صحت صلاته؛ لأن هذا يغير المعنى، وإذا قال مالك يوم الدِين يوم الدِين ترك شدة الدال؛ فتغير اللفظ ما صارت كاملة اللفظة، وكذلك إذا قال: اهدنا صِراط لم يقل: الصِّرَاط؛ يعني: ترك شدة الصاد، وكذلك إذا قال: صراط الَذين صراط الَذين ترك شدة الَََََّذين.
وهكذا فعليه أن يأتي بها كاملة، وبتشديداتها، حتى لا تختل شيء من كلماتها؛ بل يحافظ عليها، ويجعلها دِينا يدين به، ويكمل عبادته وصلاته.